حسام جيفي

حسام جيفي

السبت، 6 ديسمبر 2008

الشعر و كونسروة الأمل

الشِّعر و كونسروة الأمل

(هنا لغة شابة، لغة عصرية "عصر الإس إم إس، والمسينجر، والفيسبوك"، هنا المدينة "بطعم الليمون والملح"، هنا الغرفة والشارع، و"حركة السير"، والمارة. هنا الأطعمة المعلبة، و"صحن الهمبرغر"، وهنا "الربيع يخرج من القماش"، وعلى الرغم من أنه "عصفور يهرج"، فهنا أيضاً الألم والخيبة والحزن، ومستقبل لايعد بشيء). بهذه الكلمات قدمت الشاعرة السورية -المقيمة في باريس- مرام المصري، مجموعة حسام جيفي الأولى، على الغلاف الأخير.
ففي مجموعته (فتّاحة الأمل المعلّب) الصادرة عن دار بعل، يحاول إثبات أن أقلامَ سورية شابّة لا يزال عام 2008 يخبّئ مزيداً من مجموعاتها الشعرية الحديثة، تبشّر بصيرورةِ مختلفة للصورة الشعرية، التي تشبه ماء النهر، حيث يسعى حسام لقول ما يريد بلغةٍ بعيدةٍ عن المألوف، قريبة في أحيانٍ كثيرة من السريالية:
ورعُ القصّابين
يطاردُ ضوئي
ليذبحه
و أنا بثقلِ غريزتي
ألقي بنفسي
على شفرة الحياد
(العنوان الطريف) أحد ألعاب قصيدة النثر التي يجيدها الشاعر كثيراً، ابتداءً من عنوان المجموعة، مروراً بعناوين عدّة تحمل طرافةً مثل (السيجارة الثالثة بتوقيت اللاذقية). وكما يشتغل على الصورة الشعرية من منظور حداثي معاصر، كذلك يوظّف البديهي واليومي فنيّاً، ليحقق أحد أهم عناصر الإدهاش في النصّ الشعري، ويقول:
الشرفة
بُعدٌ خامس يعدُ
باحتمالات مفتوحة
كورقة اليانصيب المطوية
في محفظتك
حيث يطل من عالم الشرفة المفتوح الاحتمالات كورقة النصيب، على قدر يعيشه عشرات المهووسين بهذه الأوراق، آملين الإطلال منها على عوالم لطالما حلموا أن تتحقق. وبالرغم من تساؤل حسام جيفي في بداية المجموعة (أين أجد فتّاحة الأمل المعلّب؟) بعدما أصابه الملل والخيبة:
يتسلّل الملل
نملاً أبيض قضى الليل تحت الوسائد
و ينهش صحوتك
إفطارك اليوم بيض مقلي
و خيبة.!
إلا أنه يعلن بثقة مع آخر قصائد المجموعة أنّه "سيصل حيّاً هذه المرّة":
انتظرني
حتى و لو حاولتُ المرورَ عنوة
سآتي بالشكل المناسب
لعبوري
ثقب الذاكرة...
و سأصل حيّاً هذه المرة.
وبإعلانه هذا، ينهي الشاعر مسيرته الباحثة عن الأمل، ليكون الشعر _بالنسبة له_ هو "فتّاحة الأمل المعلّب". المجموعة التي أصدرها على حسابه الشخصي، ويوزعها مجاناً مقهى (قصيدة نثر) باللاذقية.

نادين باخص- مجلة سوريانا / العدد 23